إدمان المخدرات ظاهرة إستفحل أمرها، وإنتشر شرها وخطرها، وصارت تهدد أبنائنا، وهو الجيل الذي نعده للمستقبل.
وتحيط بالمخدرات أنواع من الجرائم كالتعدي على الآخرين، وإستعمال العنف، والإغتصابات الوحشية الجنسية، فكلها لها علاقة من قريب أو بعيد بالإدمان والمخدرات.
¤ تعريف المخدر:
هو كل مادة يترتب على تناولها تخدير للجسم وإسكار، وتعطيل للعقل والحواس.
¤ أنواع المخدر:
*فمنه الطبيعي: وهو ما وجد في الطبيعة سواء تمت زراعته مثل: القات والقنب الهندي والكوكا، أو ما كان برياً يحصل عليه دون زراعة.
*منه التصنيعي: ويكون من أصل نباتي، ولكنه يعالج بطريقة كيميائية ثم يستعمل مثل: الهيروين والكودائين والمورفين.
¤ لماذا يتعاطى الإنسان المخدر؟
هناك عدة من العوامل التي تقف وراء حالات الإدمان، فمن أهم الأسباب المؤدية لتعاطي المخدرات:
=أولاً: ضعف التكوين العقائدي والقيم الدينية للفرد.
فلا شك أن السلوك المنحرف للإنسان يرتبط إرتباطاً وثيقاً بالضعف العقائدي والإيماني للفرد، فضعف الوازع الديني، وضعف التكوين القيمي، له أثر فعال في الوقوع في المحرمات، ومنها الإقبال على تعاطي المخدرات والمسكرات.
وهنا نذكر بوجوب الإهتمام والتركيز على تقوية التكوين العقائدي الصحيح لدى الأبناء، والتنشئة الإسلامية على القرآن الكريم والسنة النبوية، وهدي سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وذكر أحوالهم وأخلاقهم لمواجهة هذه المشكلة الخطيرة.
=ثانياً: وجود المشكلات الأسرية.
بين الأبوين وغيرهم، والتي تعيق دور الأسرة الصالحة في تربية أبنائها، وتنشئتهم تنشئة سليمة، وذلك لأن خلافات الأبوين، وما يلازمها من توتر وإضطراب، وخوف وقسوة وشدة، وغيرها من الأمور التي تؤدي لنفور الأبناء عن المنزل، ومن آبائهم، وكراهيتهم لهم، ثم خروجهم إلى الشارع تلك الفسحة الواسعة الممتلئة بكل ما هب ودب من أشخاص مهنتهم بالحياة إقتناص الفرص لبيع المخدرات.
=ثالثاً: ضعف الرقابة الأسرية على الأبناء.
وعدم متابعة أحوالهم وأصحابهم، وخروجهم من البيت وإيابهم، مما يسهل لهم الإتصال برفقاء السوء، وجلساء المنكرات والفواحش.
=رابعاً: الوفرة المادية.
فالوفرة المادية التي يعيشها المراهق أحياناً في الأسر الثرية سبب من الأسباب التي تسقطه في براثن المخدرات، ولو من باب تجربة الأشياء الجديدة كما يسول له الشيطان.
=خامساً: التأثر بالغير ومخالطة رفقاء السوء.
تقليد ومحاكاة النماذج المتعاطية للمخدرات، والموجودة أحياناً في المحيط العائلي، أو في المسلسلات وافلام أو في المجتمع الذين يعيش فيه.
¤ أضرار المخدرات:
تعاطي المخدرات يؤدي لنتائج سيئة وخطيرة على الفرد والأسرة والمجتمع سواء بالنسبة لدين المسلم وتقواه، أو خلقه وسلوكه، أو عمله اليومي، أو إرادته أو وضعه الإجتماعي وأسرته وأولاده، وما يتعلق بتعامل الناس معه وثقتهم به، وربما أدى هذا إلى طرده من عمله، وإذا كان طالباً فسيؤثر على مسيرته العلمية ودارسته، وسيقوده للفشل الدراسي حتى ولو كان من المتفوقين سابقاً.
كما أن عدم توافر المال لدى المدمن، وإلحاح الجسم على تناول الجرعة، سيقوده للإستدانة أو السرقة والنهب، أو الأعمال المنحرفة الخبيثة، والمؤدية لبيع نفسه أو أسرته، وبالتالي مجتمعه ووطنه.
وأما على صعيد الأسرة فيحصل سوء العلاقة الزوجية، والنفرة بين الزوجين، وكثرة المشاكل الزوجية، وتزايد إحتمالات الطلاق، وإنحراف الأطفال لبعد الرقابة الأبوية والأسرية، وزيادة عدد الأحداث الجانحين والمنحرفين والمشردين.
أما الأضرار الصحية والبدنية فتتمثل في:
1= فقدان الشهية للطعام، مما يؤدي للنحافة والهزال، والضعف العام المصحوب بإصفرار للوجه أو إسوداده.
2= الخمول وقلة النشاط والحيوية، مع إحمرار في العينين، وإختلال التوازن والتآزر العصبي في الأذنين.
3= تهيج موضعي للأغشية المخاطية، والشعب الهوائية الذي يؤدي في بعض حالاته لإلتهابات رئوية تصل لحد التدرن الرئوي.
4= إضطراب الجهاز الهضمي، وإتلاف الكبد وتليفه، وعلى سبيل المثال فإن الأفيون يحلل خلايا الكبد، ويحدث بها تليفاً.
5= التهاب المخ، وتحطيم وتآكل ملايين الخلايا العصبية المخية، وهذا يؤدي بدوره لفقدان الذاكرة والهلاوس السمعية والبصرية والفكرية.
6= تأثيره السلبي على النشاط الجنسي، وإنقاصه إفرازات الغدد الجنسية.
7= إحداث عيوب خلقية في الأطفال حديثي الولادة -إذا كانت الأم الحامل متعاطية.
أما الأضرار النفسية فهي كالتالي:
1= إضطراب الإدراك الحسي العام، وخاصة ما يتعلق بالسمع والبصر، بالإضافة إلى خلل في إدراك الزمن بالإتجاه نحو الأبطأ، وإختلال إدراك المسافات بالإتجاه نحو الأطول، وكذلك في إدراك الحجم نحو التضخيم.
2= إختلال في التفكير العام، وبالتالي فساد الحكم على الأمور والأشياء.
3= تؤدي المخدرات لآثار نفسية شديدة مثل: القلق والتوتر المستمر، والشعور بعدم الإستقرار، مع عصبية وحدة مزاج مصحوب بإهمال للنفس والمظهر، وعدم القدرة على العمل والإستمرار به.
4= إضطراب بالوجدان، حيث ينقلب المتعاطي من حالة المرح والنشوة والشعور بالرضا إلى حالة الندم، مع فتور وإرهاق مصحوبين بخمول وإكتئاب.
5= جمود أو تبلد بالإنفعال، وهو ما يسمى بتبلد العاطفة، حيث أن الشخص في هذه الحالة لا يستجيب، ولا يستثار بأي حدث يمر عليه مهما كان ساراً أو غير سار.
6= إضطرابات ذهنية حادة، وإختلاط في الذهن في عدد من الحالات وجنون.
¤ وسائل مكافحة المخدرات:
1) العمل على إيجاد تقوى الله تعالى في الناس، والإيمان به سبحانه، والخوف منه سراً وعلناً، وترك المحرمات والمنكرات، وغرس القيم الخلقية والمبادىء لدى الشباب، والتي تعتبر من أهم الجوانب المساعدة في تقليص حجم المشكلة.
2) تذكير الناس وتوعيتهم بكل وسيلة من خطبة أو محاضرة، أو توزيع نشرات وأشرطة وغيرها، ولوسائل الإعلام دورها الرئيسي في ذلك عن طريق توعية المجتمع بالأضرار الناتجة عن تعاطي المخدرات، وفرض الرقابة على الأفلام والمسلسلات الهابطة التي تشجع على الإدمان.
كذلك إعداد برامج خاصة في الإذاعة والتلفاز للتوعية، ويؤخذ بعين الإعتبار المستوى التعليمي والإجتماعي للأفراد، ولأعمارهم المختلفة.
3) إيقاع العقوبات الشرعية الرادعة للمتعاطين، وللمروجين للمخدرات والمسكرات، للحد من تدفق هذه السموم لبلاد المسلمين.
4) الإهتمام بذلك في المناهج الدراسية: فلا بد من إدخال التحذير من هذه الآفة القاتلة فيها، والمعلومات التي تتعلق بالأضرار الدينية والصحية، والإجتماعية والإقتصادية لإدمان المخدرات.
5) توفير الأماكن الصالحة لإستثمار أوقات الفراغ لدى الشباب خاصة بصورة صحيحة مثل: النوادي الرياضية وغيرها التي تستوعب الشباب، مع الإحتفاظ بموضوع المراقبة والتوجيه، وكلنا نعلم أن العمل الوقائي أكثر فعالية وتأثيراً من العلاج، ومن هنا جاء المثل القائل: درهم وقاية أفضل من قنطار علاج.
6) الحرص على الدعاء بصلاح الذرية فهو سبيل الأنبياء والمرسلين والصالحين، قال إبراهيم الخليل عليه السلام: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} [إبراهيم:40].
ومن دعاء الصالحين المذكور في كتاب الله عز وجل: {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً} [الفرقان:74]، ودعت أم مريم عليهما السلام لإبنتها قائلة: {وإني أعيذها بك وذريتهما من الشيطان الرجيم} [آل عمران:36].
اللهم نعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء، اللهم إحفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين، اللهم أصلح لنا في ذريتنا إنك أنت السميع العليم.
الكاتب: محمد الحمود النجدي.
المصدر: موقع المختار الإسلامي.